السطور القادمة ليست تنظيرة كالاتي يملأن الفضاء الالكتروني الآن انما هي محاولة لعرض وجهة نظر شخصية جدا في معركة الرئاسة وما يترتب عليها من مستقبل الحركة الإجتماعية و السياسية المصرية.
منذ نوفمبر الماضي تم رفع شعار "لا انتخابات تحت حكم العسكر" وبالفعل كانت مقاطعتي لإنتخابات البرلمان المصري الاول بعد الثورة, في بادئ الأمر يظهر هذا الشعار وكأنه ممتد ولكن الحقيقة أنه شعار مرحلي يجب ان يتغير وفق معطيات اللعبة السياسية المطروحة في الشارع المصري وبعيدا عن صحة أو خطأ هذا الشعار كان يعتبر تبريرا لبعض القوى لتغطية عدم قدرتها وجهازيتها لخوض المعركة وبالنسبة للبعض الآخر كان يعتبر موقفا ضد الانتخابات المعروف نتائجها مسبقا -ليس بنية التزوير ولكن لإتضاح موازين القوي في الشارع المصري- ومحاولة لتوعية الشارع واكتساب الخبرات استنادا للقائلين ان المصريين يتعلمون من تاريخهم.
اتفقت أو اختلفت مع من تبنى هذا أو ذاك فلا يهم الآن في موقف لا نحسد عليه -كيسار مصري .. قال يعني- والعديد منا يعاني تخبط كبير في الرؤى ولذلك يجب النظر للأمور بنظرة واسعة اكثر واحتساب العديد من النقاط الهامة.
تأتي الانتخابات الرئاسية في جو ليس مهيأ للانتخابات من وجهة نظري الخاصة ولكن تم فرض المعركة على الشارع وعلى الثوريين واختار الشعب المشاركة فيها وإن كانت مشاركته تأتي امتعاضا من عدم وجود بديل ثوري وناهيك عن الظروف الاقتصادية التي نعيشها ويتأثر بها الشعب خصوصا الطبقة الفقيرة نتيجة لخلق الأزمات التي جعلت من المصريين مسيرين نحو مايريده المجلس العسكري ألا وهي انتخابات الرئاسة.
"الثوري الحقيقي هو الذي يكون بين الجماهير اينما اختارت وجهتها أو معركتها" بهذه العبارة يمكن تفسير قرار الانخراط في العملية الانتخابية وإن كان من شارك أو من قاطعها لم يؤدي ماعليه, بمعنى ان من قرر المشاركة لم يستطيع خلق الوحدة بين المرشحين الثوريين واكتساح النتائج ومن قاطع لم يقدر على الدعاية والفعاليات التي تشجع الجماهير على المقاطعة لخلق ازمة للعسكر.
لا ادافع عن المشاركة وإن كانت صحيحة جزئيا.
ولا ادافع عن المقاطعة وإن كانت مطلوبة.
ونحن على بعد ايام من الجولة الثانية للإنتخابات الرئاسية والتي فرضت السلطة نتيجتها على الشارع منذ البداية بوجود احد اركان النظام السابق في السباق الرئاسي وعلى الطرف الاخر يوجد ممثل جماعة الاخوان المسلمين الذي يظهر الآن بالزي الثوري.
يظن البعض ان هذا الاختيار يرجعنا إلى مرحلة ماقبل الثورة حين كان الحل الوحيد للخروج من مظلة مبارك هو الاخوان المسلمين ومشروعهم "المحظور" على حد قول اعلام السلطة, ولكن حقيقة الامر تختلف حيث ان الاختيار الآن ليس بين ثورة ونظام, انما هو اختيار بين استعادة النظام عافيته ووجوهه وبين نظام فاشي جديد.
يذهب البعض للمشاركة خوفا من الفلول وهنا تسمع دعاوى محمد مرسي وترفع شعارات لا لعودة النظام القديم, وهنا يجب ان نقف على تعريف النظام.
في وجهة نظري اعادة إنتاج النظام ليست بالضرورة انتخاب احمد شفيق أو وصوله للسلطة وتمكنه من اجهزه الدولة المعدة له مسبقا بل يكون اعادة إنتاج النظام اكثر وحشية عندما يسيطر فكر ومنهج واحد على كل السلطات ويظهر امام الشعب كالحامي الشرعي كما فعل المجلس العسكري في بداية ولايته, وهنا لا اجد ظلما في مقارنه الاخوان المسلمين بالمجلس أو حتى النظام (السابق/الحالي) حيث أنه ظهر للعيان مشاركة الاخوان في جرائم ضد القوى الثورية أو حتى السكوت عنها وتهيئة الجو المناسب لارتكابها.
يطل علينا د/محمد المرسي ويعد بتقديم ضمانات التي اراها عبث منقطع النظير حيث علمتنا الايام الماضية أن الاخوان لا عهد لهم, وحينما يضغط عليهم المجلس العسكري بتهديد "التنظيم" يمكن ان يقوموا ببيع كل الضمانات حفاظا على عملهم ومصالحهم ويرجع ذلك لاعتمادهم اسلوب رأسمالي ا ترتيب هرمي للجماعة ذات الذيول الكثيرة التي يسهل الامساك عليها وقد ظهر جليا أثناء احداث (محمد محمود - مجلس الوزراء - الذكرى السنوية الاولى للثورة 2012).
الاتحاد السياسي مع الاخوان المسلمين في هذه الحقبة هو فعلا بمثابة العودة لأوضاع ماقبل 25 يناير 2011 حيث استبدل السير وراء سقوط النظام بالسير في ذيل جماعة الاخوان ذات الشعارات المرحلية والعلاقات المباشرة مع نظام مبارك ليس مداهنة ولكن خوفا على مصالح الجماعة, ليس هذا فحسب وانما هو بعد عن الشارع الذي ينتمي اليه الثوريين وبذلك يخسر الجميع.
وفي ظل هذه المعطيات يطرح البعض خيار "المقاطعة" الذي في وجهة نظري لا يكون مؤثرا ولن يكون كذلك مع عدم وجود تنظيم سفلي يستطيع جمع هذا القطاع الجماهيري لتكوين قوة مؤثرة لصد هذا النظام ومن جهة اخرى وعملا بمبدأ "الثوري الحقيقي" يمكن استغلال المقاطعة والدعاية لها في الحالة الراهنة حيث توجد شريحة ليست بالصغيرة من الشعب لا تريد هذا وذاك وهذا ماتسمعه اليوم في الشارع المصري من اناس عاديين يطرحون خيار "ابطال الصوت" لعدم رضاهم على المرشحين ولشكهم في نزاهه جزء خفي من العملية الانتخابية واللجنة المشرفة عليها في ظل تأخير قانون العزل السياسي الذي بسببه يوجد احمد شفيق في قوائم المتناحرين على كرسي الرئاسة.
المشكلة الاكبر في اختيار المقاطعه هو سلبية البعض فيها على الرغم من ايجابية الموقف, وعندها يترك الفقراء من الشعب والمضللين منه فريسة لما يتاجر عليهم بالاستقرار تاره وبالدين تاره اخرى.
توضح الآن وجهة نظري في الاختيارين المطروحين على الساحة المصرية الآن بين مقاطعة ومشاركة, وهنا يأتي تساؤل دوما ما يؤرقني ألا وهو; لماذا نحصر انفسنا في الخيارات الضيقة بين المشاركة والمقاطعة؟ لابد من وجود خيار ثالث.
الخيار الثالث يتيح مساحة اكبر للعمل بين القوى الثورية ومساحة اكبر من الإتفاق لو أراد الثوريون ذلك وتركوا خلافاتهم جانبا, وقد يتبادر إلى اذهان البعض ان الخيار هذا يحتاج إلى تنظيم موجود على الأرض وهذا ما تم نفيه بثورة 25 يناير حيث إنها قامت بلا اي تنظيم يحسب خطاها بل اصبحت ثورة نتيجة لالتفاف الشعب على مجموعة راديكالية أظهرت تنسيق عالي بين اطرافها مما شجع الجميع في الانخراط والقيام بدوره المنوط به.
الشعب رايح فين؟ - الشعب بالأحداث الأخيرة والتحفز ضد السلطة والإنتخابات على استعداد ان يدعم الحركة خارج إطار المفاوضات والضمانات مما يوفر الدعم وينهي على فكرة التنظيم التي تسيطر على عقول الكثير من الثوريين وتجعلهم يتخذون من ذلك "حجة" لتبرير تقاعسهم في حين ان الشارع يرفض الإختيارات المفروضة عليه ولكن يحتاج من يقوده وهو الشيء الذي يتطلب شجاعة بعض الثوريين.
راهن على الثورة! - اتفقت أو اختلفت مع الانتخابات الرئاسية من حيث المبدأ أو النتيجة أو أو .. الخ, هناك حقيقة راسخة ولا يغيرها شيء وهي ان بعد ثمانين عاما من تاريخ الإخوان المسلمين حصدوا 5,7 مليون صوت, وبعد 30 عاما من سيطرة النظام على كل شيء حصد 5,5 مليون صوت, في حين حصل مرشحي الثورة الراديكاليين (عبد المنعم أبوالفتوح - حمدين صباحي - خالد علي) على 10 مليون صوت مما يعطيك فكرة بسيطة على اتجاه الشارع المصري بعيدا عن التحليلات العقيمة في تركيبة أصوات كل مرشح.
في رأي الشخصي يستطيع المرشحين الثلاث تكوين جبهة وطنية ثورية تقود المصريين المنتظرين منذ زمن بعيد, لا ينقص هذا الجمع الا الشجاعة الكافية وتنحية الخلافات جانبا.
نقاط الضغط الهامة:-
قانون العزل.
محاكمة مبارك.
أيها الثوريون تذكروا انكم لا تمتلكون شيئا إلا شجاعتكم وحياتكم لتقدموها وقد كتب العديد منا شهادة وفاته مبتسما منذ انخرط في النضال ضد هذا النظام, فلماذا الخوف الذي يظهر عند البعض؟
إن نفعل الصواب الآن.. أو لنصمت إلى الأبد.
ضميري ارتاح.