حدث منذ 132 يوم ...
كان بالأمس قد مر على أول نزل فعلي لي للشارع يوم الثامن والعشرون مشاركة في ثورتنا المجيدة 132 يوم .. اعلم انه قد مر 138 ولكني لم اشارك في مظاهرات الخامس والعشرون من يناير نظرا لضيق أفقي حينها وعدم إيماني بقدرة شعبي على التغيير.- وقد ذكرني بهذا التاريخ مقابلتي لأحد أمهات الشهداء التي قمت بتبليغها بحقيقة حالة ابنها آن ذاك الذي أستشهد اثر نزيف حاد نتج عن طلق ناري بالرقبة من أحد القناصة- . ولكن بعد صلاة الجمعة يوم الثامن والعشرون وجدت نفسي انطلق مع المنطلقين واشتعلت بداخلي مشاعر الوطنية التي لم أكن اشعر بها إلا أوقات مباريات الفريق القومي الذي اتضح أنه ليس قوميا ولأول مرة تنهمر دموعي حبا لتك البلاد بدون أي أسباب … كانت تنضم الناس من جميع المساجد وانتظر أخوتي الأقباط خارج المساجد لينضموا إلينا وكانت كل زيادة في الأعداد تزيد وتلهب حماستنا في الهتاف أكثر وأكثر .. مظاهراتنا كانت سلمية سلمية تنادي بأبسط معاني الحياة وأدني حدود حقوق الإنسان .
قوبلنا بما كان يخشاه الآهل والأحباب ولم نكن نأبه ونحن عزل نملك من السلاح حناجر تنادي بهتافنا وأقدام ثبتها الله في أرضه من حيث لا نعلم .. وجدنا أنفسنا في معارك هي الوحشية والتي كانت عار على من قتل نفسا فيها والمجد كل المجد لما قتل فيها.
يزيد الدم وتزيد الوحشية .. وأذهب مسرعا لمحل عملي في المشفى الحكومي حيث اعمل كطبيب أسنان لا اعلم ماذا قد يفيد ذهابي ولكني ذهبت فور وصولي لا أكد أرى إلى بشر وبشر وكان العدد يدعو للذهول .. تجاوزت أمواج البشر في ذهول وحالة من عدم الفهم والتخبط الشديد والدماء تملأ المكان ولا اسمع إلى أصوات الصراخ وبكاء الأمهات .. وجدت نفسي في غرفة العمليات محاولا تقدم المساعدة للأطباء الذين كتبت عليهم أصعب تحديات حياتهم وكانت أصعب تجارب حياتي فياله من شعور سخيف أن تقف مكتوف الأيدي أمام شاب في نفس سنك أو يصغرك أحيانا يكون صديق وأحيانا يكون جار لك يسيل دمه ولا تستطيع فعل شيء إلا سؤال ربك المنتقم الجبار الانتقام للدماء التي تسيل أمامك .. الانتقام من قتلة الزهور والأصعب أن تحمله على نطق الشهادة لأنك كطبيب تعلم تمام العلم أن من يرقد أمامك لن يعيده إلى سابق عهدك به إلا معجزة من ربك الكريم لأننا وببساطة لم نمتلك حتى عربات الإسعاف التي كانت كفيله بالحفاظ على حياة أحدهم منمن كتبت له الشهادة .. وعلى الرغم من ذلك هناك وسام على صدور اطباء المحروسة لصنعهم معجزات طبية حتي ولو ساهمت في الحفاظ على حياة احدهم للحظات وبعدها فارق الحياه .
لم أسطع التنفس في ظل هذه الأجواء الدموية على الرغم من اعتيادي على منظر الدم والجروح وتزايد الأعداد التي تتوافد مصابا تلو الاخر .. اقصد شهيدا تلو الآخر ..جروحهم لم تجد مايضمدها ..لم استطع تملك أعصابي والحفاظ عليها وعلى مسامعي بكاء وصراخ يملأ المكان من أمهات ثكالي وأبناء يتامى .
خرجت لحديقة المستشفى لالتقاط بعض الهواء الذي لا تشوبه رائحة الدم, جلست بعيدا واردت الهروب لم اكن أطيق صوت الصراخ فقد سمعت بما فيه الكفاية حتى هدأت الدنيا من حولي ولا يفارق عيناي مارأيته ويزداد حنقي وغضبي واكثر ماالمني كان إحساس العجز السخيف وكانت شمس أول يوم ثورة بالنسبة لي قد بدأت في الغياب وفي هذه الأثناء بدأت تتعالى الأصوات من حولي بكلمات لا افهمها ولم تأتي على مسامع جيلي بأكمله ولكن اناس في الشوارع تطلق زغاريد وكان الحال تبدل .. هرعت إلى مصدر صوت التلفاز الذي تجمع حوله الناس في المستشفى ورأيت مصدر الكلمات التي لم اعتد على سماعها (حاكم عسكري - الدبابات في شوارع القاهرة - حظر التجول ..... إلخ ) افكر بعدها للحظات أحاول استيعاب ما يحدث في البلاد وكان أول ماخطر على ذهني ان القوات المسلحة ستحمينا من ظلم الظالمين وستوقف نزيف الدم الذي اغرق شوارع مصري .
كان هذا كل ماأتمناه وكل مايهمني ان يتوقف نزيف الدماء واعتقد أني لست الوحيد الذي تمنى ذلك ا ماكان احد ليحتمل مكان يحدث في البلاد التي عم فيها الفساد .
رأيت فرحة في عين الناس ورأيت الأمل في عيون الشباب والدموع في عيون الأمهات ..... مهلا اعتقدت أننا انتهينا ولكني سرعان ماأدركت أني مخطئ إنها البداية .......
بعد موجة من الكذب المغطي بكلمات معسولة كالشعب المصري العظيم وما إلى ذلك وجدنا انفسنا ندخل موجة جديدة من الإنتهاكات اللاإنسانية ليست على مستوى الأرض فقط ولكن على كل المستويات …. مهلا لا تبدأ في انتقادي الا بعد سماعك اسئلتي وأسمع اجاباتك عليها !!
هل نجح العسكر من وجهة نظر الثوار ؟
هل اوقفوا نزيف الدماء ؟
هل اوفوا بوعودهم ؟
هل عاملوا الثورة والثوار بما يليق بهم ؟
هل اخمد فتيل نار الفتنة ؟
هل التف العسكر على ثورتنا ؟
هل حموها ؟
هل اعتقلوا وقتلوا وعذبوا ؟
هل استغلوا ثقة الشعب فيهم استغلالا خاطئا ؟
نعم أسمع تساؤلا بداخلك وسأجيبك ؟؟.... فقد انتهك العسكر حرمة ثورتنا.
لن اطيل حديثي عن انتهاك بذاته ولكن لنتذكرهم سويا !!
موقعة الجمل … رضيتم ام لم ترضوا كونوا على ثقة أن موقعة الجمل التي شهدناها والأربعاء الدامي كانوا بعلم تام من قيادات العسكر وأيديهم ملوثة بدماء شهداء هذا اليوم وحمدا لله ان قلوبهم كانت رحيمة ولم ينصاعوا لأوامر اطلاق النيران على المتظاهرين آن ذاك .
وتلى هذه الموقعة بعدة ايام الخطاب الذي لطالما انتظرناه طويلا ولا أعلم ما الذي دار في كواليس هذا الخطاب الذي أبهج قلوب الملايين واستوقف قلة من المصريين في جملتة الشهيرة -إحالة شئون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة - .
من هنا وقد بدأت موجة لا تنتهي من الانتهاكات نبدأها من فض اعتصامات التحرير بالقوة وتلفيق المخدرات للمعتصمين الشرفاء الذي شهد لهم العالم أجمع بالشجاعة والصمود أمام اقذر أنظمة العصر الحديث .
هذا وما قد حدث من كشف للعذرية الذي يعد ابشع وأدنى مامارسه الجيش المصري ضد شعبه الذي يلقبه بالعظيم ودون مبرر الا غطرستهم ليفعلوا فعلتهم المشينة التي ستظل في ذاكرة الكثيرين بأبشع صورها .
ولا ننسى ليلة التاسع من مارس وما حدث بها وقد اثبت الجيش المصري للعالم أنه أحسن من يخفي الدلائل والحقائق ويضلل الناس حتي إنه تفوق في ذلك على أمن الدولة وجميع اركان الدولة البوليسية التي عشنا بها فترة طويلة ولا نزال نعاني من ويلاتها وإن اختلفت بعض التسميات ,, دعونا لا ننسى ماحل بهؤلاء الشباب الحر فقد قتل منهم من قتل وعذب من عذب وعانى البعض من المحاكمات العسكرية .
الاستفتاء والدستور وما مارسه المجلس من لعبة دنيئة للالتفاف حول ارادة الشعب وإطلاق الاخوة اعداء الشعب على ذوي العقول البسيطة للعبث بهم .
احداث السفارة ويالها من ليلة لا يسعني الحديث عنها في سطور معدودة ولكن نعلم تمام العلم ماحل بها !.
هذا ما أسعفتني ذاكرتي به
واخيرا ما تناقلته بعد الأحاديث عن اللواء الرويني .. وما تحدث بيه ليعبث بعقول صغار الضباط وافراد الجيش بأقواله :
1- لقد حمينا الثورة و وضح لنا اننا نحمي بعض الشباب و البنات فاقدي العذرية و لكن دورنا هو حماية الشرعية الدستورية المتمثلة في مبارك.
2- لقد ارتكبنا خطأ بعدم فتح النار على المتظاهرين و لكن سنتدارك الخطأ و نضرب بيد من حديد.
3- لقد أعطينا شباب الثورة أكثر من حقهم و ادخلناهم المكاتب المكيفة وسفرناهم للخارج و لكن هذا هو اخر ما لدينا.
حدث هذا في يوم لقاء قائد المنطقة المركزية بضباط المنطقة المركزية بتاريخ 9 يونيو
و قد بدأت حوادث اغتيالات الطريق في الازدياد
الاعتقال و نفيه
و تعذيب الاقسام
أفيقوا يا مصريين
فقد قرب الاوان على الفوات
كيف لكم يا شعب مصر بعد كل هذه الانتهاكات السكوت على ما يحل بخيرة شبابكم !!!
فكرت كثيرا ولم اجد ما يدعو للإنتظار اكثر من هذا الوقت فهناك ثورة تسلب من ثائريها ,, أفيقوا
نعم اشكك في نزاهة العسكر لا بل ولا أؤمن بهم ودعونا من وهم أن الجيش والشعب ايد واحدة ولا تقل أن “المجلس بتاعهم والجيش بتاعنا “لسبب بسيط .. لأن من ينتهك على ارض الواقع هو الجيش وليس المجلس الذي لا يفعل شيء الا اصدار الأوامر من ينتهك ومن يطلق الرصاص هو العسكري والملازم والنقيب وإلى آخره من الرتب الصغيرة .
إنها عقلية وتكاد تكون عقيدة من يتولي مفاتيح الأمن والحكم وكم أعجب من السعادة التي اراها على وجه أحدهم حين يعذبوا أحدا أو يقومون بإذلاله .
في رأيي العسكر هم العسكر مهما اختلفت الظروف .. ربما يكون بريق تلك الكتافات هو الذي يحركهم.... لا أعلم
حتي الآن ولم تنتصر الثورة .. ولم تحقق أول أوامرها فهناك عجوز لا يحاكم وأمهات تنتظر القصاص .
اننا لم ننتهي بعد ولكننا بدأنا …
المجد للشهداء
احساس رائع و سرد جميل للأحداث و قريبة من القلب
ReplyDeleteاستمر يا صبرى :)
بوست هايل كالعاده بالرغم من قسوه الاحداث و الحقائق..................و المجد للشهداء
ReplyDeleteكالعادة سرد شيق لأحداث مريرة. وما من واع
ReplyDeleteكالعادة سرد شيق لأحداث مريرة. وما من واع
ReplyDeleteماشاء الله البوست تحفة بجد
ReplyDeleteالمجد للشهداء
أنت كاتب متميز يا صبري بجد
ندى
البوست أكثر من رائع .. محبط ومؤلم .. ولكن لأنة حقيقى وواقعى ومن القلب
ReplyDeleteأول بوست أقرأه لك بالعربية الفصحى وهو تطور رائع
ReplyDeleteوالمضمون لا يختلف اثنان على تواطؤ الجيش ومحاولاته الحقيرة المستمرة حتى اليوم إجهاض الثورة .. وقد أوشك على النجاح
ايهاب مسلم
ehabmes