الغاز الذي فاق وصف الجميع |
عدت إلى منزلي من ميدان التحرير لأنال قسطا من الراحة بعد المعركة التي دامت بيننا وبين قوات الأمن المركزي بالاضافة إلى بلطجيتهم يوم الثامن والعشرون الماضي . المعركة التي دامت اكثر من عشرين ساعة متواصلة من الكر والفر في حرب الشوارع التي قدم فيها شباب الثوار كالعادة ابدع لوحات البطولة والإبداع ورسموا صورا لن تمحى من ذاكرة هذا الوطن إلى أبد الآبدين .
عدت إلى منزلي وكان يملؤني التفاؤل ومفعم بروح الثورة التي افتقدناها في الشهور الماضية واشتم رائحتها في رائحة الغاز الذي سيطر على أجواء ميدان التحرير حينها هذا الغاز الذي اجمع الجميع انهم لم يروا له مثيلا من قبل أما عن تجربة شخصية مع هذا الغاز فإنه لا يشبه الغزاة التي أستخدمت من قبل ! يحتوي على أضعاف المواد التي تتسبب في تهييج الاغشية المخاطية والعينين أما بالنسبة للجهاز التنفسي فكان احساسي بأن شيئا قد قطع على الهواء طريقه لرئتي .
قبل الإصابة في محاولة ناجحة إني أمسك قنبلة |
وكالعادة كانت خيبة الأمل عندما تصفحت الصحافة المرئية ورأيت ان ما نواجهه على أرض الميدان هو قليل جدا بالنسبة لما يجب علينا مواجهته من عداء حقيقي للثورة من قبل الإعلام القذر .
التلفزيون المصري اعد تقريرا في نشرت الخامسة مساء يوم التاسع والعشرين وكان قد حصر أعداد المصابين من الأمن المركزي ولم يذكر شيئا عن الثوار سوى انهم حفنة من البلطجية وقاموا بلقاءات مع جنود الأمن المركزي المصابين في مستشفى المنيرة ولم يذكره الثوار بلقاء واحد ! وطبعا قد اتفق جميع الجنود على ان من يوجد بالتحرير هم بلطجية ولكن أكثرهم استفزازا كان تعليق احد الجنود عندما قال :
بالذمة دي أشكال بلطجية ! |
"أنا شفت الثوار الحقيقيين يوم 25 و 28 يناير واتعملت معاهم وضربناهم وضربونا أما الناس بتاعت امبارح دي مش منهم منعرفهمش دول أكيد بلطجية .. مفيش ثوار بيضربوا كده "
سأترك لكم التعليق وحق الرد على هذا الجندي ولكن اسمحلي بتعليق صغير
" الحمد لله إن قدرتنا كثوار على أرض الميدان قد تزايدت وشهد الجندي ان قدرتنا على فشخ عناصر المركزي زادت "
ليس جديد على التلفزيون المصري ان يتواطئ مع قوات الأمن ومع النظام ويشوهون صورة الثوار ويقومون باستغلال ضعف عزيمة البعض وثقة المصريين الذين لا يعرفون طريق الانترنت لتشويه صورتنا وملئ عقولهم أننا حفنة من الخارجين عن القانون حتى أن أهل بيتي كادوا يصدقون لولا ثقتهم في رواياتي ! .. وأسأل كل من يقول أننا اعتدينا على الأمن المركزي هل كان علينا ان نقبل الإهانة والضرب ونواجه الداخلية بشكر وتقبيل الايادي ؟
الإسعاف الشعبي |
إن كان هناك من يجب علينا تقبيل ايديهم فهم شباب الموتسيكلات الذين قال عنهم اصحاب النفوس المريضة انهم بلطجية وهم من خاطرو بحياتهم لانقاذ المصابين وكثير منهم من يمثل له هذا الموتسيكل تحويشة العمر أو مصدر الرزق فلم يخاطرو بحياتهم فقط ! أذهلني هؤلاء الشباب في تنظيمهم حين كانوا ينقلون المصابين من الشوارع التي شهدت المصادمات أو المعارك فكانوا الإسعاف الشعبي فعذرا رفاقي البلطجية .. فلا يعلم احد مافعلتم الا من رئاكم .
*** عندما كنت في الصفوف الأمامية ونتبادل رشق الحجارة مع الأمن المركزي قيل لي من أكثر من شاب
" يا أستاذ ارجع إنت ورا ... أنا مش مهم احنا فداكم "
فلم اكن اجد رد الا الصمت أو " احنا واحد يا شقيق "
لم يكلف أحدا نفسه من من ظلوا يتشدقون بكلمة " بلطجية " أمام عدسات التلفزيون وعلى مسامع الملايين من الشعب ان ينزل إلى مدى التحرير ويرى بنفسه من يتكلم عليهم .. ولكن كيف لهم ان ينزلوا إلى التحرير ؟ فالتحرير ليس للجبناء .. اخذوا يطلقون الشائعات والاكاذيب لتضليل الشعب وشق الصفوف وطبعا كانوا حريصين على الا ينضم المزيد للثوار واعتقد انهم نجحوا في هذا .... اعزائي لتذهبو إلى مزبلة التاريخ فلن تقبل هذه البلد منا اعذار عندما تسألون عليها يوم القيامة ! مصر لا تسامح وتغفر لكل من تقاعص عن أداء واجبه تجاهها .. واعلموا ان عقابها سيكون شديد .
ما نحن الا مطالبون بالحق والعدل .. اسمى مطالب هذه الدنيا
حين استرجع صورة من صور أداء الداخلية هذا اليوم لا يسعني القول الا ان مارأيته وعشناه كان جنونا واشبه بانتقام في استعمال القوة المفرطة وكأن التاريخ يعيد نفسه فالأرقام نفسها .. 28 ولكن ماتغير هو الوجوه ففي السابق كان مبارك والعادلي والآن هم العيسوي وطنطاوي ... نفس أفعال تلك الوجوه القبيحة .
بالطبع لا يسعني نسيان نسب المجلس العسكري الذي كالعادة له نصيب الأسد في تضليل الناس بالبيان الذي صدر عنه وكعادة المجلس لم يفعل شيء إلا تسفيه صورة الشباب وأن هم من يزعزعون أمن واستقرار الوطن وهدفهم الوقيعة بين الشعب والمؤسسة الأمنية الوطنية .
تعالت هتافاتنا ضد مجلس العسكر وضد المشير لنطالبهم بالرحيل ومنها " الشعب يريد اسقاط المشير " - "التغيير التغير هوا اسقاط المشير "
كالعادة جاء وقت وشعرت أننا نواجه العالم وحيدين وكم هائل من الانتقادات اللاذعة التي تلقيتها من المارة في الميدان حين كنت أخرج لالتقاط أنفاسي من هول وكثافة الدخان والغاز والغريب ان كل ما يحدث كان امام أعينهم !
عجبا لهذا الزمان !
لم أستطع ان أتمالك نفسي من الضحك عندما سمعت اللواء / سيد شفيق ..مساعد وزير الداخلية و مدير المنطقة المركزية للأمن العام وهو يجري أحد المداخلات الهاتفية مع قناة مودرن سبورت ! بعد مباراة الاهلي والزمالك وطلب منه حضور البرنامج التحدث عن احداث التحرير ! فقال كالعادة أننا حفنة من البلطجية والخارجين عن القانون والهراء الذي نعرفه جميعا ..... إلخ
المثير أكثر للضحك ان حضور البرنامج الذي يتألف من مدحت شلبي وايمن يونس ومجدي عبد الغني وهم جنود النظام السابق المخلصين ومن حفنة المتلونين الذين حاولوا اللحاق بركب الثوار ولكن بعد فوات الأوان ويدعون دائما انهم كانوا أول من ساند الثورة .. عفوا فأمثالكم إلى مزبلة التاريخ .. اتفق هؤلاء الأفاقين وصدقوا على حديث من هو أسوء منهم له فضائح معلومة للجميع لعل أشهرهافضيحة الرشوة التي تلقاهاوكانت مبلغ 250,000 جنيه نظير تصاريح بناء كنيسة السيدة العذراء في مدينة الحوامدية وغيرها حين كان لا يزال معاون مباحث البدرشين .. تخيلوا ان هذا الفاسد هو من يدير ويشارك في صنع القرار داخل وزاره الداخلية بعد الثورة .. اذا لم تحدث عندنا ثورة ! .
هناك الكثير من اركان الدولة السابقه لا يعي ماحدث في مصر ولا يفهم انها ثورة .. عزيزي ماحدث هو اسقاط جميع الخطوط الحمراء وأصبح الشعب وحده هو الخط الأحمر الوحيد الغير قابل للمساس وقد رسم هذا الخط بدماء المصريين الأحرار الشهداء الأبرار ولن يضيع حق هؤلاء ... لن يحدث الا رقاب من تبقي من الرجال .. أو ليقتلونا جميعا فالموت أشرف اشرف وأسمي من ان نتقاعص عن حقوقنا واسمى من أن نحني رؤوسنا لغير الله .
المجد كل المجد للشهداء .
عاش ثوار التحرير .